من أين تُستخرج القهوة؟
القهوة، هذا المشروب الشهير الذي يحبه الملايين حول العالم، له رحلة طويلة تبدأ من محاصيل القهوة في مزارع بعيدة وتنتهي بفنجان دافئ على مائدة الإفطار أو بعد وجبة دسمة.
في هذا المقال، سنستعرض رحلة القهوة، بدءًا من استخراجها من الطبيعة وصولاً إلى مختلف أنواعها التي تُباع في محامص البن، مع التطرق إلى أنواع البن المختلفة وطرق تحضير القهوة المقطرة.
محاصيل القهوة: من البذرة إلى الحبة
تُستخرج القهوة من بذور نبات القهوة، الذي يُزرع بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية حول العالم، هناك نوعان رئيسيان من نبات القهوة يتم استخدامهما في إنتاج القهوة التجارية، وهما "أرابيكا" و"روبوستا". تُعد حبوب القهوة "أرابيكا" الأكثر شهرة والأعلى جودة، حيث تنتج نكهة ناعمة وغنية، بينما تعتبر "روبوستا" أكثر مرارة ولها نسبة كافيين أعلى، مما يجعلها مناسبة للأشخاص الذين يحبون القهوة ذات الطعم القوي.
تعتبر مناطق أمريكا اللاتينية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا من أشهر المناطق التي تزدهر فيها محاصيل القهوة، كل منطقة تتميز بمناخها وتربتها الخاصة التي تضفي على الحبوب طابعاً مختلفاً من حيث النكهة والجودة.
على سبيل المثال، القهوة المنتجة في إثيوبيا غالباً ما تتمتع بنكهات الفواكه والأزهار، بينما نجد القهوة البرازيلية تحمل مزيجاً من نكهات الشوكولاتة والجوز.
أنواع البن: تنوع النكهة والجودة
كما ذكرنا، هناك نوعان رئيسيان من البن، هما أرابيكا وروبوستا. ولكل نوع منهما ميزاته الخاصة التي تجذب شريحة معينة من محبي القهوة.
- بن أرابيكا: يعتبر البن الأكثر شعبية في العالم، ويشكل حوالي 60-70% من إنتاج القهوة العالمي، تُزرع أشجار أرابيكا في مناطق جبلية على ارتفاعات عالية، مما يساعد على إنتاج حبوب ناعمة وغنية بالنكهات، غالبًا ما يُفضل الأشخاص الذين يحبون القهوة ذات النكهة المتوسطة والحلوة اختيار هذا النوع.
- بن روبوستا: يُزرع في مناطق ذات ارتفاعات منخفضة، وتتميز حبوبه بصلابتها وقوة طعمها، تُعتبر روبوستا خياراً مثالياً لمحبي القهوة القوية والمركزة، حيث تحتوي على نسبة كافيين أعلى مقارنةً بأرابيكا، مما يجعلها مثالية لصنع الإسبريسو.
محامص البن: فن تحويل الحبة إلى مشروب
تُعتبر عملية تحميص البن مرحلة حاسمة في رحلته من المزرعة إلى الفنجان، في هذه المرحلة تتحول الحبوب الخضراء إلى تلك الحبوب البنية الداكنة التي نعرفها، التحميص يلعب دوراً مهماً في تحديد طعم القهوة النهائي، حيث تتحول الزيوت الطبيعية داخل الحبوب وتعطي نكهة غنية ومميزة.
تختلف محامص البن في تقنيات التحميص التي تستخدمها، حيث يعتمد البعض على التحميص الخفيف الذي يحافظ على النكهات الطبيعية للفواكه والأزهار في حبوب القهوة، بينما يعتمد البعض الآخر على التحميص الداكن الذي يبرز نكهات الشوكولاتة والكراميل ويقلل من الحموضة.
محامص البن أيضاً تساهم في تقديم قهوة مخصصة وفقاً لذوق العملاء، يستطيع عشاق القهوة اختيار أنواع الحبوب التي يرغبون في شرائها بالإضافة إلى درجة التحميص المناسبة لهم، سواء كانت خفيفة، متوسطة أو داكنة.
القهوة المقطرة: طريقة التحضير البسيطة والفعالة
من بين طرق تحضير القهوة المختلفة، تبرز القهوة المقطرة كواحدة من أكثر الطرق شعبية بين محبي القهوة الذين يفضلون تجربة النكهات الطبيعية للحبوب، تحضير القهوة المقطرة يتم عبر سكب الماء الساخن على القهوة المطحونة ببطء، مما يسمح للماء بامتصاص الزيوت والنكهات الغنية من البن المطحون.
القهوة المقطرة تتطلب استخدام أدوات خاصة مثل الـ V60 أو Chemex، وهي أدوات تساعد في تصفية القهوة بشكل أفضل وتمنح كوبًا نقياً وخالياً من الشوائب، ما يميز هذه الطريقة هو أن الشخص يمكنه التحكم بشكل دقيق في كل عنصر من عناصر التحضير، من كمية القهوة إلى درجة حرارة الماء، مما يوفر تجربة تحضير شخصية لكل كوب.
القهوة ليست مجرد مشروب صباحي عادي؛ بل هي رحلة تبدأ من محاصيل القهوة التي تزرع بعناية في مناطق مختلفة من العالم، وتستمر عبر محامص البن التي تحوّل الحبوب الخضراء إلى مذاق رائع، وتُختم في فنجان من القهوة المقطرة الذي يعكس الحب والعناية في كل خطوة من عملية التحضير، سواء كنت تفضل القهوة ذات النكهة الناعمة أو القوية، أو تستمتع بتجربة القهوة المقطرة، فإن عالم القهوة مليء بالتنوع والابتكار، مما يجعله مصدر إلهام للعديد من محبي هذا المشروب الرائع.